دليل الاتصال

فهم الشخص المصاب بالتوحد

قد تبدو سلوكيات الشخص المصاب بالتوحد غريبة أو غير مناسبة. ولكن إذا فهمنا كيف يفكر الشخص المصاب بالتوحد وكيف يشعر فسنفهم بقدر أفضل أسباب وأهداف سلوكياته ويمكننا أخذها بسهولة أكبر في الحسبان بهدف الاستجابة لها على نحوٍ ملائم.

يمكننا اكتشاف التوحد أساسًا من خلال علاماته الخارجية: اللغة والتفاعلات الاجتماعية والسلوكيات الأخرى المتعلقة بالتخوف من البيئة. وبالنظر إلى هذه العلامات بمعزل عن غيرها، غالبًا ما نجدها غريبة. لكن عندما نحاول فهم منظور الشخص المصاب بالتوحد، سنجد أن هذا غالبًا ما يخفي السعي وراء المعنى، فهذه السلوكيات هي وسيلة يحمي بها الشخص المصاب بالتوحد نفسه من المواقف الاجتماعية المعقدة للغاية بالنسبة له.

لماذا يتفاعل الشخص المصاب بالتوحد على نحو مختلف عن الآخرين؟

يحصل التواصل بين شخصين أساسًا من خلال اللغة، غير أنه غالبًا ما يحتاج الأطفال المصابون بالتوحد إلى مزيد من الوقت لاكتساب أساسيات اللغة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن طريقتهم المختلفة في معالجة المعلومات تشكل عائقًا أمام التواصل. وعادة ما يعاني الشخص المصاب بالتوحد من عجز في الخيال والتجريد على سبيل المثال. وهذا هو السبب في أنه سيواجه صعوبة في تفسير الرموز والاستعارات والتلميحات في محادثة.

ويحصل التواصل أيضًا من خلال العديد من الإشارات غير اللفظية، فالإيماءات وتعبيرات الوجه هي إشارات صغيرة تسمح لك بالتعبير عن مشاعرك ونيَّاتك. ولكنه يصعب على الشخص المصاب بالتوحد فك تشفيرها. فعلى سبيل المثال، ليس من البديهي أن يتأكد الشخص المصاب بالتوحد من اهتمام شريك المحادثة قبل التواصل معه، أو أن ينظر إليه للتحدث معه.

Autisme Algerie Motion Visuel 3

كيف يرى الشخص المصاب بالتوحد بيئته؟

إن إدراك العالم بالنسبة لشخص مصاب بالتوحد يشبه النظر إلى كل شيء من خلال المنظار، بحيث ينصب اهتمامه أولًا على التفاصيل التي يراها على نحوٍ منفصل: فمن الصعب عليه دمجها لتشكيل صورة شاملة لموقف ما أو مكان ما أو وجه ما. وينتج عن هذا أحيانًا إرهاق جراء المواقف التي تبدو شائعة للآخرين.

 هذا الاهتمام بالتفاصيل يتعلق بالحواس الخمس (البصر، السمع، الشم، الذوق، اللمس)، بالإضافة إلى الإحساس بالتوازن واستيعاب الحس العميق (الإدراك، واعيًا أم غير واعٍ، لمواضع أجزاء الجسم المختلفة).

 وغالبًا ما يكون السبب وراء ذلك هو فرط الحساسية، إذ تختلف تصورات الشخص المصاب بالتوحد. فعلى سبيل المثال، يكون الشخص المصاب بالتوحد مفتونًا بمحفزات الضوء وغير مباليًا بالضوضاء، أو يدرك الألوان بقوة بينما يبدو الطعام بالنسبة له دائمًا باهتًا. 

وعادة ما ينزعج الأشخاص المصابون بالتوحد من البيئات الصاخبة مثل التصفيق. كل هذه التصورات يمكن أن تولد التوتر لديهم.

Autisme Algerie Motion Visuel 4

أهمية العادات والسلوكيات المتكررة

إضافة إلى جميع التحديات الحسية، ينبغي على العديد من الأشخاص المصابين بالتوحد بذل الكثير من الطاقة في مواجهة كل ما هو جديد. وهذا يفسر حاجتهم إلى الروتين وجمود معين في التفكير، وكذلك إلى بعض الغضب أو القلق في مواجهة التغييرات التي قد تبدو ضئيلة أو غير محسوسة.

وعادة ما يكون لدى الأشخاص المصابين بالتوحد سلوكيات متكررة تبدو”غريبة”، فهم على سبيل المثال يتأرجحون ذهابًا وإيابًا. وتعد هذه السلوكيات قوالب نمطية، فهي سلوكيات ممتعة تساعدهم غالبًا على الاسترخاء أو التركيز، كما يمكن أن تشير إلى الملل أو الإجهاد أو التعب.

وعليه، فإن حظر الصور النمطية أو الروتينية أو منعها عنه يتطلب بذل قدر كبير من الجهد من الشخص المصاب بالتوحد. ومع ذلك، فمن المهم الحدُّ منها إن لم تكن مقبولة اجتماعيًا أو تكون جائرة جدًّا.

التوحد عالي المستوى

لا يعاني بعض الأشخاص من اضطرابات لغوية كبيرة ولديهم قدرات فكرية طبيعية جدًّا أو أفضل من غيرهم. وعلى الرغم من أنهم ما يزالون يواجهون صعوبة في مجاورة السياقات الاجتماعية، إلا أن هؤلاء الأشخاص يمكن أن يزدهروا بشكل عام في الأنشطة التي تتطلب تركيزًا كبيرًا، والكثير من التجريد والعقل المنطقي كالبحث العلمي، والهندسة، وبرمجة الحاسوب، إلخ.

لمعرفة المزيد

هل لديك سؤال؟

تجدون جميع الأجوبة عن الأسئلة التي تراودكم بشأن التوحد في قسم الأسئلة المتداولة.

الوصول إلى الأسئلة المتداولة