غير مصنف
تم النشر في: 28 يونيو 2021
يتناسب معدل الانتشار مع عدد حالات المرض أو الاضطراب التي تصيب السكان في فترة زمنية معينة، الجديدة منها والقديمة على حد السواء. ارتفع معدل انتشار التوحد بقدر معتبر على مدى الثلاثين عامًا الماضية. وسمحت العديد من الدراسات بتحديد العوامل التي يُحتمل أن تكون وراء هذه الزيادة.
يُسفر، في جميع دول العالم، إحصاء معدل انتشار التوحد أو اضطراب طيف التوحد على تشتت كبير في النتائج كما يتسم بالميل نحو التصاعد، محققا زيادة معتبرة خلال العقود الثلاثة الماضية تقدر بنحو 1%1، في حين أظهرت التقارير الأخيرة أن الزيادة بلغت 2.6٪2.
تستند في الولايات المتحدة، أحدث تقديرات انتشار الإصابة بالتوحد إلى البيانات التي تجمعها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). وأشار التحليل الأولي لهذه البيانات إلى أن انتشار التوحد لدى الأطفال في سن ما قبل الدراسة، قد انتقل من نسبة إصابة طفل واحد من أصل 75 في عام 2010 ليصل إلى إصابة طفل واحد من أصل 59 في عام 2014. أما في كندا، فقد قدّر تقرير 2018 للنظام الوطني لمراقبة اضطرابات طيف التوحد، انتشار التوحد بإصابة طفل واحد من أصل 66 في البلد.
أجريت العديد من المناقشات ومئات الدراسات حول العالم بهدف فهم سبب هذه الزيادة السريعة منذ التسعينيات، وتم تحديد ستة أسباب محتملة.
لم تظهر معايير التشخيص الرسمية إلا بعد نشر الطبعة الثالثة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في عام 1980 (د.ت.إ – 3، الدليل التشخيصي والإحصائي، المراجعة الثالثة). في الآونة الأخيرة، تستخد الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي لتي صدرت في عام 2013، تسمية تشخيصية موحدة لكل من التوحد ومتلازمة أسبرجر واضطرابات النمو غير المنتشرة5.
من بين العوامل المحتملة لزيادة حالات الإصابة باضطراب طيف التوحد هي التشخيصات غير الدقيقة. فغالبًا ما يتم إجراء التشخيصات التي تتطلب في الأصل فحصا سريريا، عن طريق فحص بسيط وموجز فقط بالرجوع إلى معايير الدليل التشخيصي والإحصائي أو التصنيف الدولي للأمراض، ومن دون اختبارات منهجية.
أدى التكفل الأفضل بحديثي الولادة الخدج إلى ارتفاع معدلات نجاتهم. ذلك أن الأطفال الخدج و/ أو الأطفال ذوو الوزن المنخفض عند الولادة، أكثر عرضة لاحتمال الإصابة باضطرابات النمو العصبي مثل التوحد.
تقدر نسبة انتشار اضطراب طيف التوحد واضطرابات النمو وفقا لمنهجيات مختلفة: تقارير السجلات الطبية والتقارير ذات الأثر الرجعي والمقابلات والمكالمات الهاتفية والمسح الإقليمي. تؤثر الاختلافات بين منهجيات البحث وطرائق إجراء التحقيقات دون أدنى شك على النتائج. أظهرت أحدث دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في عام 2009، اختلاف الملفات الموجودة باختلاف الأفراد الذين حصل تقييمهم. لم يكن لدى البعض إلا سجلات طبية بينما كان يملك البعض الآخر سجلات طبية ومدرسية. وهذا ما يفسر معدل الانتشار الأعلى الذي سجل في المناطق التي تملك إمكان الوصول إلى تلك السجلات بنوعيها6.
أشار المحققون إلى أن عدد حالات المصابين بالتوحد قد ارتفع بشكل حاد في البلدان المتقدمة على إثر عمليات توعية واسعة وتغطية إعلامية كبيرة في تلك البلدان. تأسست بناء على ذلك، عملية تقصٍّ واسعة النطاق سمحت باكتشاف التوحد وتتبعه على نحو أفضل، ما زاد من إجمالي معدل انتشاره. كما أن العيش بالقرب من المراكز الحضرية وإمكان الحصول على رعاية طبية عالية الجودة يزيد أيضًا من فرص التشخيص.
رغم أن المساهمات الجينية تعتبر من مسببات التوحد المعترف بها، إلا أن معدل الانتشار المتزايد والنتائج المتناقضة للدراسات الجينية تشير إلى أن التفاعلات بين الجينات التي تحمل قابلية الإصابة بالتوحد والعوامل البيئية تلعب دورًا. بمعنى آخر، يمكن لبعض العوامل البيئية المقترنة بالعوامل الوراثية أن تزيد من خطر الإصابة بالتوحد. يشير عدد متزايد من الدراسات إلى ذلك، بالاستشهاد بعوامل مثل متلازمة التمثيل الغذائي عند الأم، ومساعدات اللقاح القائمة على الألمنيوم، والتطعيمات التراكمية والتعرض للهواء الملوث أو لبعض المبيدات قبل الولادة8,7. بيد أنه لم تجرى حتى الآن أية تحقيقات علمية قائمة بذاتها من أجل تأكيد أي من هذه الأسباب البيئية المحتملة9.
غالبًا ما تتباين المناقشات حول أسباب زيادة انتشار التوحد التي توعز إما إلى العوامل المتعلقة بالكشف عن الإصابة بالتوحد أو العوامل البيئية الخاصة. حتى وإن كان من الواضح أن الارتفاع في المعدلات يرتبط جزئيًا بتحسن سبل اكتشاف الإصابة بالتوحد، فإنه لا يمكن استبعاد الزيادة الحقيقية في عدد الحالات. غير أنه لا يزال من الصعب التأكد من ذلك.
1 Stefan N. Hansen et al, Explaining the increase in the prevalence of autism spectrum disorders: the proportion attributable to changes in reporting practices, JAMA Pediatrics, Janvier 2015
2 Kim YS et al., Prevalence of autism spectrum disorders in a total population sample, The American Journal of Psychiatry, septembre 2011
3 J. Baio et al., Prevalence of Autism Spectrum Disorder Among Children Aged 8 Years – Autism and Developmental Disabilities Monitoring Network, 11 Sites, United States, 2014, Surveillance Summaries, avril 2018
4 Autism Speaks Canada
5 Marissa King and Peter Bearman, Diagnostic change and the increased prevalence of autism, International Journal of Epidemiology, octobre 2009.
6 L. A. Schieve et al., Have Secular Changes in Perinatal Risk Factors Contributed to the Recent Autism Prevalence Increase? Development and Application of a Mathematical Assessment Model, Annals of Epidemiology, décembre 2011
7 Prévalence de l’autisme et expositions environnementales : les tendances temporelles sont-elles cohérentes, YearBook Santé et Environnement 2016, p 11-13
8 National Institute of Environmental Health Sciences
9 L. Wing, D. Potter, The epidemiology of autistic spectrum disorders: is the prevalence rising?, Mental Retardation and Developmental Disabilities Research Reviews, septembre 2002